TOP

اقتصاديون: إعادة هيكلة الدعم وفق رؤية حكومية واضحة ضرورة

في ندوة «الأيام الأقتصادية» حول البعد الاقتصادي لقضية الدعم «3-2 »
اقتصاديون: إعادة هيكلة الدعم وفق رؤية حكومية واضحة ضرورة


أدار الندوة: خليل يوسف – أعدها للنشر محمد المغني:
اتفق المشاركون في ندوة «الأيام الاقتصادي» حول البعد الاقتصادي لقضية الدعم على أن إعادة هيكلة الدعم وفق رؤية حكومية واضحة ضرورة. فيما تباينت الآراء حول التوقيت المناسب للإعلان عن إعادة هيكلة الدعم؛ فمنهم من يرى أنها بسبب الضغوط الخارجية التي تمارسها بعض الدول والتكتلات الاقتصادية على دول الخليج من أجل خفض دعمها عن المشتقات النفطية من أجل تحسين أجواء المنافسة كما يرى الدكتور حسن العالي أنها السبب الرئيسي، فيما قال الدكتور هاشم الباش أن للأزمة المالية العالمية، والخطة المستقبلية للاقتصاد البحريني دورا في هذا الموضوع.
من جهته قال الدكتور عبدالله الصادق أن هناك نوعين من الدعم؛ فهناك دعم موجه للإنتاج بقصد التصدير يمكن أن تطالب منظمة التجارة العالمية برفعه، وآخر موجه للاستهلاك تفرضه السياسة الداخلية للبلد، ودعا الحكومة لتقديم رؤية واضحة بشأن سياسة الدعم.
وقال الدكتور أكبر جعفري: أعتقد أنه من الضرورة إعادة تصميم هيكلة الدعم بغض النظر عن أي ضغوط خارجية كما يجب توجيه الدعم لفئة معينة ولفترة محدودة، وإلا فإنه سيولد نتائج عكسية وقد تكون خطرة
الصادق: الدعم الاستهلاكي ضمن السياسة الداخلية للدولة
قال الدكتور عبدالله الصادق: «إن هناك نوعين من الدعم، فهناك دعم موجه للإنتاج بقصد التصدير، كالدعم الموجه في أوروبا للمزارعين لتشجيعهم على زيادة الانتاج بغرض تقليل التكلفة ورفع الكفاءة التنافسية للمنتج الأوروبي، وبالتالي رفع أرباحهم التي هي عبارة عن معادلة السعر ناقص التكلفة، فالدعم في أوروبا يشجع المزارعين على الانتاج بشكل أكبر».
واوضح: «الأمر الذي يؤدي لمنافسة غير عادلة مع المنافسين في الدول النامية التي تطالب برفعه، وهو الدعم الذي تتدخل فيه منظمة التجارة العالمية وتقول ان هذا الدعم غير صحيح».
وعن النوع الثاني من الدعم، قال: «دعم استهلاكي داخلي ليس له علاقة بمزاحمة أو تنافس، ولا يضر أحدا. ويعتبر ضمن السياسة الداخلية للدولة. وأعتقد أنه ليس هناك أي نوع من الضغوط الخارجية بهذا الشأن».
واستدرك قائلا: «وربما تأتي الضغوط الخارجية في جانب المحروقات، لتصاعد الاهتمام العالمي بشأن البيئة والمحافظة عليها للتخفيف من انتاج ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة. وعلى إثر هذه الفلسفة فهناك توجيه للتخفيف من أي من مسببات انبعاث الغاز المضر بالبيئة».
وأوضح: «وفيما يتعدى ذلك فان أي دعم موجه يأتي ضمن السياسة الداخلية للدولة».
الباش: وراء الدعم هدف أسمى للدولة
من جهته قال الدكتور هاشم الباش: «بالعودة للدعم، فانه يعرف في الموازنات أنه بيع سلع بسعر أقل من السوق أو بسعر رمزي. وهو موجه للمواطن صاحب الحاجة، والمشكلة الأساسية في مجتمعاتنا تكمن في كيفية الاستهلاك».
واوضح: «نجد أن المواطن في الغرب منظم جدا في استهلاكه للغذاء، وأكثر ترشيدا. ومن الملاحظ أن الغربيين تقل ميزانيتهم الاستهلاكية كلما ارتفع الدخل، وعلى عكس ما نراه في الوطن العربي، فانه كلما ارتفع الدخل ارتفعت الميزانية الاستهلاكية».
وعلى صعيد المؤسسات، قال: «تشهد المؤسسات في المملكة ـ على المحيط الاقليمي ـ منافسة شديدة جدا بالنسبة لكيفية الانتاج والتصدير، وهو ما يخلق مشكلة لدا القائمين على السياسة الاقتصادية تتمحور حول توجيه الدعم لهذه الصناعات من عدمه مع وجود إمكانيات مالية ضخمة».
وأوضح: «وهذا يجعل الكثير من السلع تباع بأسعار أقل من السعر الثابت منها، فعلى السبيل المثال؛ أن قناني الماء تباع بأسعار زهيدة. وبالمقارنة مع الغرب نجد انها تباع على سبيل المثال بدينار». واضاف: «قد نجده سعرا مرتفعا ونعلل ذلك بارتفاع الأجور في أوروبا، لكن يجب الاشارة إلى أن الحد الأدنى من الأجور في باريس مثلا يبلغ 1500 يورو».
وأوضح الباش: «أن الغرب يوجه دعما محددا لفئات معينة، فمثلا؛ يحصل الطلاب الفقراء في فرنسا على سكن بأسعار رخيصة».
وقال: «المقدمة التي طرحتها تدعو لإجراء دراسات حول تكاليف الصناعات التحويلية أو الثابتة للمؤسسات».
وحول الدعم الزراعي الموجه للمزارع الأوروبي، قال: «فان هذا الدعم يساء استغلاله، فعلى سبيل المثال فان هناك عمليات تهريب للزبدة من فرنسا -التي توجه دعما للمزارعين- إلى سويسرا ثم يعاد تصديره لفرنسا».
واضاف الباش: «أن هناك دعما للقطاع الثقافي، فالأمريكان يقولون ليس هناك دعم للسينما، فيما تدفع فرنسا في جهة دعم الثقافة».
وأوضح الباش: «في النهاية أريد أن أؤكد أن وراء الدعم هدفا أسمى للدولة، على عدة صعد، وأهمها العدالة الاجتماعية، ونحن كاقتصادين نرى أننا كلما زيدنا الدعم فإن ذلك سيقلل ما نوفره للاستثمار مما سيرفع حجم المديونية».
ولفت الباش إلى أن الاكثار من استخدام السندات في معالجة المدينوية سيؤدي لمشاكل. وقال: «وأكبر مثال على ذلك؛ الأزمات التي تعاني منها الدول الأوروبية البرتغال وإيرالندا ومن قبلهما اليونان. واعتقد أن فرنسا –التي تعد من أكبر الدول الداعمة في قطاعات الصحة والتعليم وغيرها- بدأت تعاني كما بدأت في التفكير في سياسة الدعم».
وأوضح: «ونحن كاقتصاديين ننظر للبلد ككل متكامل اليوم وغدا. فلا بد على الاقتصادي ان يحسب حساب اليوم، وأن يطوره ليستمر معه في المستقبل».�
وقال: «يجب علينا توجيه الدعم ليطور المجتمع من خلال توجيه للبنى التحتية والذي يشكل رأسمال يولد ثروات. وبذلك نعول على التأكيد على الكفاءة الاقتصادية في سياسة الدعم».
العالي: تعديل سياسة الدعم في الخليج مرتبطة بمعدلات التضخم
وعلق الدكتور حسن العالي، قائلا: «إن برامج الاصلاح التي تدخل فيها بعض الدول مع البنك الدولي فان من متطلباتها رفع الدعم لتحرير الأسعار وتعزيز التكافؤ».
واوضح: «وبالنسبة لدول الخليج فقد قرأت أكثر من تقرير للبنك الدولي أو صندوق النقد فوجدت أن التقارير تحذر من عودة موجات التضخم. وعليه فان التقارير تنصح باتخاذ بعض السياسات الاقتصادية التي تحد من عودة معدلات التضخم، ومن ضمن الحلول فان هناك تلميحات لفرض الضرائب، وسياسة الدعم».
ولفت إلى أن دول الخليج غير مرتبطة ببرامج اصلاح اقتصادي مع البنك الدولي. وتعد تعديل سياسة الدعم فيها مرتبطة بالحفاظ على معدلات التضخم في مستويات طبيعية كما فهمت من بعض التقارير.
من جهته قال الدكتور أكبر جعفري: «نعم هناك ضغوطات تمارس على دول الخليج لانضمامها لكثير من المعاهدات والاتفاقيات، والتي تنص على تعديل بعض السياسات الاقتصادية». واستدرك: «ولكني لا أعتقد أنه السبب الرئيسي لتعديل سياسة الدعم. وأعتقد أن الاعلان عن إعادة هيكلة الدعم هي مبادرة جاءت متأخرة 20 عاما».
وأوضح: «كان من الأولى إعادة هيكلة الدعم في بداية التسعينيات من القرن المنصرم».
وأكد: «أعتقد أنه من الضرورة إعادة تصميم هيكلة الدعم بغض النظر عن أي ضغوط خارجية». وأوضح: «كما أن الدعم يجب أن يكون موجها لفئة معينة ولفترة محدودة، وإلا فإنه سيولد نتائج عكسية، وقد تكون خطرة».�
وأكد جعفري أننا لسنا بعيدين عن المنطقة الخطرة، مدللا بقوله: «إن هناك في البحرين من لا يستطيع العيش، وهناك من يستطيع العيش في أعلى مستويات الرفاهية». وأوضح: «هناك فروقات بين الناس، ولكن يجب أن يكون العيش الكريم هو أدنى الحدود للمواطن».
وعن التوقيت قال جعفري: «إن ردة الفعل الموجودة في الشارع ناتجة عن تخوف الناس من رفع الدعم، والواقع أن الحكومة تفكر في إعادة هيكة الدعم، فالتوقيت يعد جيدا أن لم يكن متأخرا».
وقال العالي: «إن التوقيت يعتمد على المبررات التي تطرحها الحكومة لاعادة هيكلة الدعم. فاذا كانت الحكومة تتذرع بانها ستعيد هيكلة الدعم بسبب العجز في الميزانية فهذا مردود عليه».
وأوضح: «لأن الناس سترد بأن أسعار النفط في ارتفاع، ومما يدعم هذا الرأي ما طرحه مسؤول حكومي، فان البحرين بحاجة لحساب سعر تعادلي يبلغ 80 دولارا، والكل يعرف أن أسعار النفط في هذه الأيام قريبة من ذلك».�
ودعا العالي الحكومة لطرح الأسباب الحقيقية التي دعتها لإعادة هيكلة الدعم في هذا الوقت، قائلا: «يجب كشف الأسباب الحقيقية التي دعت لإعادة هيكلة الدعم أمام الناس. فهل هو الحد من الهدر؟ كما طرحه الأخوان، أو الحد من نسب التلوث بتقليل استخدام المحروقات؟ أو سوء الاستخدام؟ أو غيرها من الأسباب التي يجب طرحها إلى جانب الأرقام، وحاول اقناع الناس على هذا الأساس».
وطالب العالي بإعادة تصميم هيكلة الدعم بغض النظر عن الآليات المستخدمة في ذلك.�
من جهته قال الدكتور عبدالله الصادق: «اتفق مع الدكتور حسن في أنه يجب على الحكومة أن تقدم رؤية واضحة بشأن سياسة الدعم، وما هي آلياته التي توصله لمستحقيه، وكيف ستتم عملية إعادة الهيكلة؟».
وأوضح: «ليس بين أيدينا تصور واضح لمسألة ما هو مطروح على الطاولة».
جعفري: يجب زيادة الدعم لمستحقيه
وعلق الدكتور أكبر جعفري: «نستطيع أن نتفق كاقتصاديين بأنه يجب سحب الدعم عن الفئة التي لا تحتاج إلى دعم وزيادته للفئات المستحقة. ولكن يجب أن نؤكد أننا لا نعرف ما هو توجه الحكومة في هذه المسألة».
وقال: «إن المطروح حاليا لا زال غامضا يسمح لأي شخص أن يفسر ويطرح رؤاه حسب رؤيته وتوجهاته».
وبالعودة لمسألة التوقيت خصوصا أنها جاءت في فترة لمحت فيها الحكومة أنها قد تفرض ضرائب في المستقبل، قال الدكتور هاشم الباش: «إن هناك عاملين رئيسين وهما: دور الأزمة المالية العالمية، قبلنا ذلك أم رفضناه. ففي اليونان والبرتغال وإيرلندا دعوات للتقشف مما أحدث الاضطرابات في اليونان. والتقشف لدى الأوروبيين يعني سحب الدعم وإعادة هيكلته».
وأوضح: «وأعتقد أن سبب الأزمة التي عصفت باليونان والبرتغال، وإيرلندا أنهم دخلوا للاتحاد الأوروبي متأخرين. فتدخلت الدولة في كثير من المجالات لتعزيز مستويات الانفاق من أجل الانتقال بمواطنيها لمستوى مقارب لأقرانهم في فرنسا وألمانيا». واضاف: «والآن بدأت هذه الدولة في فرض حالات التقشف».
وعن العامل الثاني قال الباش: «السياسة الاقتصادية التي تؤهلها للمستقبل في ظل أجواء تنافسية على المستويين العالمي والإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار في رؤية 2030». وأوضح: «ويوصلنا ذلك لنتيجة أن الدعم ليس عاملا ثابتا، وإنما هو عام متغير يمكن إعادته وتكوينه بما يخدم المجتمع والاقتصاد».
وقال: «ولا يرتبط توقيت إعادة هيكلة الدعم بتاريخ محدد، ولكنه يأتي ضمن خطة متكاملة تحلل فيها المعلومات على جميع الصعد الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها». وأوضح: «ويجب أن تتعامل مع هذه القضية الجهات المعنية بأسلوب إدارة الأزمات. فمن المهم جدا أن يعي المواطن أهمية إعادة الهيكلة حتى لا يكون طرفا سلبيا في المسألة».
ولفت الباش إلى أن للمواطن الدور الأساس في ترشيد الاستهلاك على جميع الصعد سواء على المستوى الغذائي أو الكهرباء والماء. داعين المواطنين بالأخذ بثقافة الترشيد وممارستها في حياتهم سواء في البيت أو خارجه.
وعقب الدكتور حسن العالي على طرح الدكتور هاشم، وقال: «اتفق مع الدكتور هاشم ان جانبا من المشكلة يتعلق بالثقافة الاستهلاكية في المجتمع، والتي أصبح من الصعوبة تغييرها».
وبالعودة للتوقيت، أوضح: «هناك آراء تقول إن هناك أساليب كثيرة يمكن أن تتخذها الحكومة قبل أن تصل لإعادة هيكلة الدعم. فيطرح البعض لماذا لا تقوم الحكومة بفرض الضرائب على الشركات، ولماذا لا تفرض الضرائب على الأغنياء؟ ولماذا لا ترشد النفقات؟!».
وقال: «ويتساءل أصحاب هذا الرأي عن السبب الذي جعل الحكومة تتوجه لإعادة الهيكلة لمعالجة العجز ولم تفكر باتخاذ الاجراءات المقترحة، والذي يمثل ذكره شيئا مرعبا بالنسبة للمواطنين خصوصا في ظل تدني الرواتب».
ودعا العالي مجددا أن تطرح الحكومة رؤية واضحة بهذا الخصوص. واوضح: «خصوصا ان برامج التقشف تأتي ضمن حزمة إجراءات في السياسة الاقتصادية، فلما يطرح بهذا الشكل وتحدد المواقع التي يوجه إليها الدعم فان المواطن سيقتنع».
وقال: «وإذا طرحت الحكومة مشروعا لإعادة هيكلة الدعم دون طرح رؤية واضحة مدعمة بالأرقام والمؤشرات، فإن ذلك سيفتح بابا للتساؤلات واللغط، وفتح الباب للمزايدات».
نشر بصحيفة الأيام
13 ديسمبر 2010
Read More
TOP

رفع الدعم بين الضرورة والتبعات والبدائل والأبعاد الاقتصادية

اقتصاديون في ندوة «الأيام الاقتصادي» يبحثون (1-3):
رفع الدعم بين الضرورة والتبعات والبدائل والأبعاد الاقتصادية

أدار الندوة: خليل يوسف – أعدها للنشر: محمد المغني
شكلت مسألة رفع الدعم أو إعادة هيكلته لغطا كبيرا في المجتمع البحريني في الفترة الأخيرة، خصوصا في ضوء ما تداولته الصحف عبر لسان مصادر مطلعة في وسط تكتم حكومي كبير.
وحجزت قضية الدعم مساحة واسعة في وسائل الاعلام البحرينية والندوات، والمجالس، واللقاءات، وكثيرون ادلو بدلوهم من زوايا مختلفة ومن منظور متباين سياسي، واجتماعي، وبرلماني. ولكننا في «الأيام الاقتصادي» آثرنا ان نتناول البعد الاقتصادي لتغطية الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات وغير ذلك، عبر ندوة صحفية ضمت اقتصاديين هم: الدكتور عبدالله الصادق، والدكتور هاشم الباش، والدكتور أكبر جعفري، والدكتور حسن العالي.
واجمع المنتدون على أن الدعم موجود في كل دول العالم، لكنه يأخذ أشكالا متعددة. وقال الصادق: «يجب التعامل مع الدعم في الدول النامية بشكل اجتماعي، لكي لا يخلق أعباء كبيرة على المواطن في هذه الدول». ودعا الباش للموازنة بين الموارد المحدودة للدولة والمتطلبات غير المنتهية للمواطن. وأكد جعفري على أهمية إعادة هيكلة الدعم.
من جهته دعا الدكتور العالي الحكومة لطرح جميع الأرقام بشفافية أكبر من أجل اقناع الناس بجدوى هيكلة الدعم.
شمولية النظرة الاقتصادية
وعن مفهوم الدعم الاقتصادي والاجتماعي قال الدكتور عبد الله الصادق: «يعد موضوع الدعم موضوعا حساسا، واصبح الموضوع حديث المنتديات، وكل فئة تطرح وجهة نظرها في الموضوع من خلال تخصصها. فالسياسي يقدم وجهة نظر سياسية لأنه يمثل فئات المجتمع. كما ان هناك من يتناوله من وجهة نظر دينية. كما أن الحكومة تتناوله من زاوية الميزانية العامة للدولة لأن الدعم يدخل في الميزانية ضمن بند المصروفات، وبالتالي تعمل الحكومة على الموزانة بين جدولي الايرادات والمصروفات».
واضاف: «كما ان لرجال الاعمال رؤيتهم الخاصة فيما يتعلق بالموضوع، لأن الدعم يوجه لشركات تجارية محددة، فدعم اللحوم يوجه لشركة المواشي، ودعم اللحوم البيضاء يوجه لشركة الدواجن، ودعم البنزين يوجه نظريا لشركة «بابكو» وعمليا هناك تعاون بين الدولة والشركة في هذا الموضوع».
وعن وجهة نظر الاقتصاديين في الموضوع قال: «إن النظرة الاقتصادية لأي موضوع، ومنها مواضيع الدعم، انه يطرح الموضوع بصورة شمولية يراعي فيها جميع فئات المجتمع، لأن النظرية الاقتصادية تهدف لتكوين مجتمع مستقر. فنموذج المجتمع المثالي في الاقتصاد هو المتكون من الطبقة الغنية التي تشكل 20% منه، والطبقة المتوسطة التي تمثل 60% من تكوينه، و20% من تكوين هذا المجتمع الباقية من نصيب الفقراء. وهذه النظرية تحرص على الدفاع عن الطبقات ككل، فالطبقة الوسطى هي الطبقة العاملة والمنتجة، والطبقة الغنية هي صاحبة الثروة وهي التي تستطيع الاستثمار».
ولفت الصادق إلى أن هناك جانب آخر في الاقتصاد قائلا: «أود الاشارة إلى معيارين أساسيين للعاملين في المجال الاقتصادي الأول: الكفاءة الاقتصادية، والثاني: العدالة الاجتماعية. يتم النظر إليهما عند مناقشة أي موضوع؛ سياسيا كان أم اقتصاديا أو حتى اجتماعيا».
وأوضح: «أن موضوع الكفاءة الاقتصادية تعني الاستغلال الأمثل للموارد، فبدون كفاءة وانتاجية لن يحدث نمو اقتصادي. كما الاقتصادي مهتم أيضا بالعدالة الاجتماعية التي تتيح توزيع ثمار النمو الاقتصادي بشكل عادل بين جميع فئات المجتمع».
وطرح الصادق مثالا، فقال: «حققت الدول الأوروبية تقدما كبيرا في جانب النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، فلديهم شبكة جيدة من الأمان الاجتماعي. وعلى العكس في الدول النامية التي لم تقطع شوطا كبيرا في النمو الاقتصادي، الذي انعكس سلبا على شبكة الأمان الاجتماعي وهي الأقل تعقيدا، والأقل عدالة. لأن هذه البلدان تهدف لدفع عجلة النمو الاقتصادي. ويترتب على ذلك حساسية شديدة لأي مساس بقضايا تهم الفئات في هذه المجتمعات».
وأوضح: «وخصوصا ان الطبقة الوسطى ليست هي الطبقة السائدة في مجتمعات الدول النامية التي تتكون كذلك من ثلاث شرائح: وهي العليا، والوسطى، والدنيا. ويصنف الكثير في الطبقة الوسطى بأنهم من ذوي الدخل المحدود. فأي مساس بالدعم يترك أثرا كبيرا عليها».
وقال: «ان المجتمعات المتقدمة تتعامل بشكل مختلف مع الدعم، ففي كل عام تعلن الحكومات الغربية عن سياستها في الدعم، فمثلا ستقلل الدعم لسلع معينة وسترفعه عن سلع أخرى لتحقيق التوزيع الأمثل للموارد. فالدعم سياسة اقتصادية تتغير بمقتضى الحاجة».
وأوضح: «ففي أوروبا يوجه الدعم للسلع التي تعتبر صديقة للبيئة فتدعو الناس لاستهلاكها بشكل أكبر، وترفع الدعم عن السلع المضرة بالبيئة». ولفت إلى أن هناك أزمة بين دول الخليج والدول الأوروبية على جانب الصناعات الكيماوية وما تحدثه من أثر على البيئة.
وقال الصادق: «يجب التعامل مع الدعم في الدول النامية بشكل اجتماعي أكثر منه اقتصادي، وبالتالي فيجب أن لا يخلق الدعم أعباء كبيرة على المواطن في هذه الدول».
وقال: «أخيرا أود أن أطرح ابسط تعاريف الدعم، وهو بيع السلعة بأقل من سعرها في السوق الذي يفرضه توازن العرض مع الطلب».
الباش: بلبلة «الدعم» بسبب عدم الاعتياد على المفاجآت
وقال الدكتور هاشم الباش في تعريفه للدعم: «اتفق مع الدكتور عبدالله في ان الاقتصاد علم اجتماعي يراعي الجوانب الاجتماعية «الانسانية» رغم وجود الجانب المتعلق بالمعادلات الحسابية والنظريات الاقتصادية. فالعامل الانساني يعتبر الجانب المعياري الذي يدخل في الكثير من التوجهات الفكرية، والدينية، والسياسية، في بناء السياسة الاقتصادية».
وأوضح: «وتعتبر السياسة الاقتصادية هي الخطة التي تسير عليها الدولة، وتضم جانبين مهمين، الأول: ما الذي يجب عمله. والثاني: ما الذي يجب اجتنابه. ففي الدول الديمقراطية تجد أن هناك صراعا كبيرا بين الكتل السياسية وغير السياسية كالتكتلات التي تطرح أفكارها في قضايا الدعم».
واضاف: «وتجد من ضمن برامج المرشحين في الولايات المتحدة الامريكية، وأوروبا حضورا لموضوع الدعم الذي يكون دوما بين شد وجذب».
وقال: «وبالعودة لما حدث في البحرين مؤخرا من بلبلة بسبب ما تناقلته وسائل الاعلام عن عزم الحكومة ازاحة الدعم عن المشتقات البترولية، فان سبب البلبلة يعود لعدم تعود الناس على هذا النوع من المفاجآت السياسية. على عكس ما يحدث في الغرب الذي يعدل في سياسة الدعم بشكل مستمر لعدة أسباب، ومنها؛ أن السلعة المدعومة أصبحت من الممكن طرحها في السوق بشكل مستقل دون أي دعم، أو أن الدولة تعطي أموال لشركات معينة».
وقال الباش: إن الأصل التاريخي للدعم في دول العالم الثالث بعد استقلالها للتدخل الكبير للدولة. وعزز ذلك بعض النظريات الاقتصادية ومنها؛ نظرية كنز التي كان لها الأثر الكبير في تفعيل مسألة الدعم. وأوضح: «خصوصا ان المجتمع بسيط البنية الاقتصادية في الدول النامية تختلف عنها في الدول المتقدمة، فكانت الدولة تتدخل في كل شيء من توزيع الخبز إلى اللحوم وغيرها. فأي حديث عن ازاحة الدعم يشكل مشكلة أساسية».
وقال: «على الرغم مما أثير بشأن موضوع الدعم، لم نجد أي رأي للتجار في ما يتعلق بموضوع الدعم. وسمعنا رأي النواب في الموضوع من خلال الكتل النيابية، والجمعيات السياسية، والمواطن البحريني الذي يتخوف من أن ترتفع تكاليف الحياة عليه».
وقال الباش: «كما أننا نجد أن الدولة تتعامل مع هذه المسألة من جانب الميزانية، فقد وضحت للمواطن ان حجم الدعم الموجه للمشتقات النفطية الذي يبلغ 500 مليون دولار وأنه في تزايد».
ولفت قائلا: «وما طرحته الدولة بهذا الصدد يمثل وجهة نظر صحيحة. في مقابل وجهة نظر أخرى تقول: إن أسعار النفط مرتفعة. ولكن أحب أن أؤكد أن أسعار النفط غير معروفة بشكل حقيقي. فعلى سبيل المثال نجد ان سعر النفط في أوروبا مرتفع جدا لأن أكثره ضرائب. فلو كان سعر برميل النفط في السوق العالمي 80 دولارا فان تكلفته على المواطن الفرنسي تبلغ 200 دولار».
وأوضح:» ويعتبر الغربيون هذه التكاليف جزءا من حياتهم، لأنهم يرون أن الضرائب المفروضة عليهم توجه للجوانب الاجتماعية أو لتطوير سلع طاقة جديدة صديقة للبيئة للمستقبل».
لفت الباش الانتباه إلى أننا لا نعرف كيف تستعمل الطاقة في بلداننا، على عكس الدول الأوروبية، ففي فرنسا مثلا؛ فان 75% من الطاقة الكهربائية متأتية من الطاقة الذرية. فجزء كبير من النفط يوجه للصناعات الأولية. وقال: «إن التعامل مع النفط يكون على أساس أنه طاقة أو مادة أولوية لصناعة ما».
وقال: «إن المشكلة التي تعاني منها مملكة البحرين هي عجز في ميزانية عامين متتالين 2010 -2010 تبلغ 800 مليون دينار كلها سندات وتستخدم أموالها للبنية التحتية أو الاستثمار وهو مهم جدا». وأوضح «ان المصروفات في الدولة في أكثرها تتمثل في الأجور والخدمات، وجزء قليل منها مخصص للمشاريع».
موضحا: «أن هذه التشكيلة في الميزانية خطيرة جدا في المستقبل. وهنا نطرح التساؤل التالي: هل تستطيع الدولة الاستمرار في دفع الرواتب مع تواجد المطالبات اليومية على رفع العلاوات، والرواتب، ومميزات للمتقاعدين. متناسين أن هناك متطلبات في ما يتعلق بالمشاريع السكنية، وغيرها من المشاريع. فكيف نعوض عن المشاريع السكنية بمتطلبات رفع الرواتب والامتيازات؟!».
وقال: «ان الموارد دائما محدودة وحاجات الناس دائما مستمرة ومتطورة. واتفق مع الدكتور عبدالله الصادق ان العدالة الاجتماعية مهمة، لكني أرى أن الكفاءة الاقتصادية مهمة أيضا».
وعلق قائلا: «إن الأسرة البحرينية لا تحسب المبالغ التي تصرفها في الشهر، فمع التقدم في نمط الحياة ودخول الهاتف النقال نجد ان البيت الواحد يحوي عددا من أجهزة الهاتف المحمول، ويشكل هذا النمط من الاستهلاك أرباحا لشركات الاتصال بحسب ما يعلن في الصحف، وفي المقابل قد نجد شركات منتجة في قطاعات مختلفة تخسر».
وقال الباش: «إن الدعم يعني تشجيعا على الاستهلاك، ومثاله حجم الصرف الكبير على الطعام في شهر رمضان الذي يلقى أغلبه في القمامة، فإزاحة الدعم عن سلعة هنا يمكن أن يرشد استعمالها اقتصاديا». واضاف: «ان هذه الحالة تنطبق على الممارسات في المراكز الصحية التي يلقي البعض بالدواء الذي يحصل عليه بشكل مجاني في القمامة».
وعلق الدكتور أكبر جعفري قائلا: «إن هذا تشجيع على الاهدار وليس الاستهلاك». واوضح: «وهي المشكلة التي نعاني منها في البحرين، فما يحدث هناك نوع من الاهدار لدى فئة معينة من الناس تؤدي لحرمان لفئة أضعف».
وأكد: «يجب معالجة الخلل عبر إعادة الهيكلة».
وكان للدكتور عبدالله الصادق وجهة نظرة مغايرة، فقال: «ليس بالضرورة أن يكون الدعم مشجعا للإهدار، فالدعم يشجع على الاستهلاك وهو مطلوب، فرفاهية المجتمع مرتبط بزيادة استهلاكه. فحين تستهلك الفئة الفقيرة في المواد الغذائية فهذا مؤشر على ارتفاع رفاهيتها».
وأوضح: «ولا يعني هذا تشجيع الاستهلاك الخاطئ. ففي ألمانيا تدعم الحكومة شراء السيارات الجديدة من أجل تنشيط الاستهلاك الذي يرفع الطلب، الأمر الذي يحرك الاقتصاد».
وقال: «وما يحصل في البحرين مماثل لما يحدث في الغرب، فهدف الدعم تشجيع الحكومة للمواطنين على الاستهلاك للمحافظة على مستوى معيشي مناسب. واعتقد أن كثيرين في الوطن العربي يغبطون البحرينيين على مستوى الدعم الذي يحصلون عليه».
ولفت الباش في حديثه عن وجوب استحداث آلية جديدة للدعم، فقال: «يجب البحث عن آلية بديلة للدعم المباشر، فهناك رأي يقول بطرح بطاقة وهي آلية قديمة جدا. وهناك نوع آخر من الدعم تقدمه الدولة في قطاع التعليم، فجامعة البحرين تدعم التعليم بشكل كبير. ولكن مع الأسف ليس هناك قياس لتكلفة الطلبة بشكل سنوي».
وقال: «إن السياسيين وغيرهم حين يتحدثون في مسألة الدعم فانهم ينطلقون من الصفة المعيارية للاقتصاد وهو الجانب الانساني أو القيمة التي يحملها. ولكن إذا أتينا للاقتصادي، فانه يهتم جدا بالكفاءة الاقتصادية التي توازن بين الاحتياجات والموارد وتحدد الأولويات لمراكمة رأسمال جديد وأعيد الانتاج في المجتمع».
وعلق: «أن كثيرا من المجتمعات التي ساهمت بشكل كبير في العمل الاجتماعي سقطت. وسقطت في الكثير من الدول العربية التي بدلت من هذه السياسة وهي متورطة حاليا. ولعل أبرز مثال؛ الاتحاد السوفيتي لأنه وجه دعما كبيرا سبب ارهاقا كبيرا للاقتصاد».
جعفري: يجب إعادة هيكلة الدعم
من جهته أعطى الدكتور أكبر جعفري لمحة تاريخية عن الدعم في البحرين، فقال: «بدأ الدعم في البحرين مبكرا، بنوعيه المحدود وغير المحدود بشكل بسيط. وبدأ الدعم الملحوظ في السبيعينات مع الطفرة الاقتصادية».
وأوضح: «وجاء الدعم لأن الاسعار بدأت في الارتفاع بشكل كبير. ووصلت الحالة إلى أن المواطنين لن يستطيعوا العيش في هذه الحالة. وهنا تدخلت الحكومة –وهذا دورها- فدعمت اللحوم وبعض المواد الأساسية. وجاء دعم الوقود كتحصيل حاصل إذ ان سعره كان مناسبا للحكومة فظل كما هو».
وقال: «وشهد النصف الثاني من الثمانينيات استقرار الوضع. وكان يجب على الحكومة أن تعيد هيكلة الدعم في تلك الفترة. وتعاظمت الحاجة في بداية التسعينيات لإعادة هيكلة الدعم، لكن الذي حدث هو ان استمرت الحكومة في الدعم رغم انتفاء الحاجة له».
وأوضح: «وسبب استمرار الدعم بشكله القديم في حدوث خلل اجتماعي واقتصادي، فالمقتدرون ازدادوا اقتدرا والفئة الضعيفة ازدادت ضعفا، فالمقتدرون هم الأكثر قدرة لامتصاص الدعم، وهذا ما نشهده حاليا».
وقال: «ليس هناك أي مؤشر يوحي بان الحكومة سترفع الدعم، والمتداول ان الحكومة تعمل على إعادة هيكلة الدعم وهي حاجة ملحة وعملية لتقوية الشريحة الأقل حظا، فكثير من أفراد المجتمع مقتدرون، مقابل فئة لا تستطيع العيش بدون الدعم».
وأوضح جعفري: «من الخطأ جدا أن يستمر الدعم بشكل شمولي، وهو خلل واضح ويجب ايقافه، وينبغي توجيه الدعم لفئات محددة، وأغراض محددة، ولفترة محددة أيضا. ونطالب الحكومة بتصحيح الدعم عبر إعادة هيكلته وليس إلغاؤه». واضاف: «فالدعم –كما تفضل الدكتور هاشم- قد يخلق مشاكل اجتماعية وسياسية، ومن الملاحظ أن أغلب المشاكل تبدأ اقتصادية. فاذا لم يستطع الفرد أن يعيش حياة كريمة فانه سيتوجه للتفكير في السياسة، ومع احساسه بالظلم أو الخلل في العدالة الاجتماعية فسيتحول الفرد لكائن سياسي وستبدأ المشاكل. ولدينا هذه المشكلة في البحرين».
العالي: ندعو الدولة للشفافية في طرح الأرقام
وعن الدعم كمفهوم اقتصادي واجتماعي قال الدكتور حسن العالي: «إن الدعم موجود في جميع دول العالم، ويأتي على أشكال مختلفة ومفاهيم مختلفة، لكن الدعم كدعم ينظر له نظرة حيوية حتى من وجهة النظر الاقتصادية».
وأوضح: «ومن الملاحظ أن الخلاف الرئيسي المعطل لمفاوضات جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية «WTO» هو موضوع الدعم الزراعي الذي تقدمه الدول الصناعية لمزارعيها عبر أشكال متعددة».
وقال: «قد نجادل كثيرا في شكل الدعم واغراضه وأساليبه، ولكنه في النهاية يبقى نفس المفهوم. وفي الفترة الحالية نجد ان الدول الفقيرة تلوم الدول الغنية على الدعم التي تقدمه لرفاهية المزارعين الأوروبيين ويضمن عيشهم على مستوى اقتصادي معين، بغض النظر عن شكله».
وقال العالي: «أعتقد أنه يجب النظر للدعم بنظرة شمولية وأن نربطه بمفهوم التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما يأخذني للحديث حول محور آخر وهو تخوف الناس من إزالة الدعم بسبب أن مستوى الدخل في البحرين لم يرتفع خلال العقود الأخيرة. فلا يمكن أن يصدق أن يكون مستوى الرواتب في البحرين بعد ثلاثة أو أربعة عقود من التنمية تراوح مكانها وتبلغ بين 200 و 250 دينارا».
وشدد العالي على أنه لا بد من وجود نظرة شمولية توازن بين القوة الشرائية ومستوى الدخل الموجود وبين الدعم الموجود، وأوضح: «فلو أحس الناس بتطور في قوتهم الشرائية لكانت الحساسية تجاه موضوع الدعم أقل، لكن الناس لا يرون أفقا في تحسن القوة الشرائية، فمن الطبيعي تمسك الناس بالمكاسب الموجودة حاليا ورفض التخلي عنها بسهولة».
وأوضح: «أن الحكومة مسؤولة عن جانب كبير من اللغط والجدل الحاصل في الساحة بسبب غياب الشفافية في المؤشرات والأرقام». واضاف: «نتمنى على الحكومة ونطالبها في إطار مجادلتها في الأرقام وخصوصا بالنسبة للتصريح الأخير الذي كشفت فيه عن دعمها للوقود بـ 500 مليون».
وأوضح «فيما يخص دعاوى رفع الدعم عن المحروقات، بأن برميل النفط يباع في السوق المحلي بسعر 28 دولارا للبرميل بينما وصل سعره عالميا نحو 83 دولارا للبرميل، وبالتالي هناك خسائر بنحو 500 مليون دينار « يقدر استهلاك السوق المحلي بنحو 9 ملايين برميل وهي تباع في السوق المحلي بنحو 250 مليون دولار، بينما سعرها في السوق العالمي 750 مليون دولار» تتكبدها ميزانية الدولة، نقول حول هذه الدعاوى، إنها خاضعة للجدل ولوجهة نظر احتساب كلفة برميل النفط، حيث أن تكلفة انتاج برميل النفط من حقول البحرين تقارب الخمسة دولارات فقط، أي أن تكلفة انتاج 9 ملايين برميل تباع في السوق المحلي بنحو 45 مليون دولار فقط، وبالتالي هناك أرباح تحققها الخزانة بنحو 200 مليون دولار وليس العكس. واذا افترضنا أن الدولة تحتسب مستويات دعمها وفقا لأسعار النفط في السوق، فهل ستقوم بتخفيض اسعار النفط في السوق المحلي في حال انخفضت الاسعار ما دون 28 دولارا مستقبلا».
ودعا العالي الحكومة لطرح جميع الأرقام قائلا: «فلتطرح الحكومة مدى استهلاك المواطن العادي للمشتقات النفطية، وكم حجم الاستهلاك الحكومي منها؟ وكم هو استهلاك الشركات؟ لتكون هناك مقاربات مقنعة للجميع سواء اقتصاديين أو مشرعين أو مواطنين».
وقال: «أنْ نقع في نفس المشكلة مع غياب الشفافية عند طرح أي قضية من هذا النوع، فتطرح القضايا بدون الكشف عن أي أرقام أو مؤشرات، فأدعو الحكومة لتجاوز هذا النهج في المعالجات».
وأوضح العالي: «أن محاولة اقناع الناس بنهج اقتصادي معين يلزم أن يكون مدعما وواضحا، وممنهجا بحيث لا تطرح الأرقام من طرف واحد، فلا بد من وضوح في طرح الأرقام».
Read More
TOP

المرض الهولندي .. والتحدي الاقتصادي الخليجي

المرض الهولندي .. والتحدي الاقتصادي الخليجي

يبدو من عنوان هذه المقالة بأن الحديث سوف يتطرق الى الأمراض التي تصيب الانسان أو الحيوان.  ولكن ليس الأمر بصحيح في هذه المقالة.  ان موضوع هذا المقال يتطرق إلى قضية اقتصادية جادة ومهمة تختص الدول التي التي يهيمن على اقتصادياتها الموارد الطبيعية سواء كان انتاج الذهب كما هو الحال في قديم الزمان او النفط والألماس في العصر الحديث.  وبحكم دول مجلس التعاون الخليجي تدخل ضمن هذه الفئة حيث ان قطاع النفط والغاز الطبيعي يهيمن على معظم صادراتها ويزانياتها العامة ومجمل انشطتها الاقتصادية، فانها تكون عادة عرضة للاصابة بالمرض الهولندي.

ولكن ماهو المرض الهولندي؟ وماهي أعراضه؟ وكيف يشكل تحدياً للاقتصاد الخليجي؟ وبالطبع كيف يمكن التعامل معه؟

في البداية، يمكن القول بأن هذه الظاهرة تمت ملاحظتها اول مره في هولندا في الفترة 1960 – 1980 وذلك بعد اكتشاف حقل الغاز الضخم Groningen Gas Field  في عام 1959.

وتتمثل إليه نظرية المرض بافتراض ازدهار المورد الطبيعي وبالتالي زيادة الأرباح.  هذا الوضع عادة يرتبط بزيادة سريعة وعالية جدا، ولكن مؤقتة، في سعر المورد الطبيعي.  ويؤدي هذا الازدهار الى فتح النافذة للدولة النامية لتبدأ مرحلة النمو والتطور واللحاق بركب الدول المتقدمة اقتصاديا مع شرط توفر الرؤية الواضحة والارادة السياسية.

وتذهب هذا النظرية الى الاشارة الى الانتعاش سيؤدي في الواقع ، الى ارتفاع قيمة سعر الصرف للعملة النقدية والزيادة في الاستيراد والارتفاع في الاجور والزيادة في أسعار السلع.  ويبقى القول بأنه في حالة الاقتصاديات المفتوحة فإن المنافسة من السوق العالمية سوف تساعد على استقرار اسعار السلع القابلة للمتاجرة goods tradable  ولكن ليس الحال بالنسبة للسلع غير القابلة للمتاجرة nontradable goods.

ولكن ماهي المشكلة في هذا الأمر؟

المشكلة إلى ان تزايد ارتفاع اسعار السلع غير القابلة للمتاجرة سيؤدي على المدى المتوسط الى تحويل الاستثمارات الى انتاج السلع غير القابلة للمتاجرة منها على سبيل المثال قطاع البناء والتشييد وذلك  على حساب السلع القابلة للمتاجرة مثل الصناعات التحويلية.

وعليه، فإن نظرية المرض الهولندي تشرح النتائج الماكرو اقتصادية لانتعاش المورد الاقتصادي وجذور التوضيح يكمن في امكانية حدوث فشل في السوق تجاه توزيع الموارد المالية بين القطاعات الاقتصادية مما يتطلب دخل من الدولة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية.

لكن ماهي دلالات هذا الموضوع اقليميا ومحليا؟  اليس هذا الأمر أقرب الى فترة الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المنطقة؟

د. عبدالله الصادق

22 AUG 2010

Read More

MusicPlaylist
Music Playlist at MixPod.com