TOP

اقتصاديون: إعادة هيكلة الدعم وفق رؤية حكومية واضحة ضرورة

في ندوة «الأيام الأقتصادية» حول البعد الاقتصادي لقضية الدعم «3-2 »
اقتصاديون: إعادة هيكلة الدعم وفق رؤية حكومية واضحة ضرورة


أدار الندوة: خليل يوسف – أعدها للنشر محمد المغني:
اتفق المشاركون في ندوة «الأيام الاقتصادي» حول البعد الاقتصادي لقضية الدعم على أن إعادة هيكلة الدعم وفق رؤية حكومية واضحة ضرورة. فيما تباينت الآراء حول التوقيت المناسب للإعلان عن إعادة هيكلة الدعم؛ فمنهم من يرى أنها بسبب الضغوط الخارجية التي تمارسها بعض الدول والتكتلات الاقتصادية على دول الخليج من أجل خفض دعمها عن المشتقات النفطية من أجل تحسين أجواء المنافسة كما يرى الدكتور حسن العالي أنها السبب الرئيسي، فيما قال الدكتور هاشم الباش أن للأزمة المالية العالمية، والخطة المستقبلية للاقتصاد البحريني دورا في هذا الموضوع.
من جهته قال الدكتور عبدالله الصادق أن هناك نوعين من الدعم؛ فهناك دعم موجه للإنتاج بقصد التصدير يمكن أن تطالب منظمة التجارة العالمية برفعه، وآخر موجه للاستهلاك تفرضه السياسة الداخلية للبلد، ودعا الحكومة لتقديم رؤية واضحة بشأن سياسة الدعم.
وقال الدكتور أكبر جعفري: أعتقد أنه من الضرورة إعادة تصميم هيكلة الدعم بغض النظر عن أي ضغوط خارجية كما يجب توجيه الدعم لفئة معينة ولفترة محدودة، وإلا فإنه سيولد نتائج عكسية وقد تكون خطرة
الصادق: الدعم الاستهلاكي ضمن السياسة الداخلية للدولة
قال الدكتور عبدالله الصادق: «إن هناك نوعين من الدعم، فهناك دعم موجه للإنتاج بقصد التصدير، كالدعم الموجه في أوروبا للمزارعين لتشجيعهم على زيادة الانتاج بغرض تقليل التكلفة ورفع الكفاءة التنافسية للمنتج الأوروبي، وبالتالي رفع أرباحهم التي هي عبارة عن معادلة السعر ناقص التكلفة، فالدعم في أوروبا يشجع المزارعين على الانتاج بشكل أكبر».
واوضح: «الأمر الذي يؤدي لمنافسة غير عادلة مع المنافسين في الدول النامية التي تطالب برفعه، وهو الدعم الذي تتدخل فيه منظمة التجارة العالمية وتقول ان هذا الدعم غير صحيح».
وعن النوع الثاني من الدعم، قال: «دعم استهلاكي داخلي ليس له علاقة بمزاحمة أو تنافس، ولا يضر أحدا. ويعتبر ضمن السياسة الداخلية للدولة. وأعتقد أنه ليس هناك أي نوع من الضغوط الخارجية بهذا الشأن».
واستدرك قائلا: «وربما تأتي الضغوط الخارجية في جانب المحروقات، لتصاعد الاهتمام العالمي بشأن البيئة والمحافظة عليها للتخفيف من انتاج ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة. وعلى إثر هذه الفلسفة فهناك توجيه للتخفيف من أي من مسببات انبعاث الغاز المضر بالبيئة».
وأوضح: «وفيما يتعدى ذلك فان أي دعم موجه يأتي ضمن السياسة الداخلية للدولة».
الباش: وراء الدعم هدف أسمى للدولة
من جهته قال الدكتور هاشم الباش: «بالعودة للدعم، فانه يعرف في الموازنات أنه بيع سلع بسعر أقل من السوق أو بسعر رمزي. وهو موجه للمواطن صاحب الحاجة، والمشكلة الأساسية في مجتمعاتنا تكمن في كيفية الاستهلاك».
واوضح: «نجد أن المواطن في الغرب منظم جدا في استهلاكه للغذاء، وأكثر ترشيدا. ومن الملاحظ أن الغربيين تقل ميزانيتهم الاستهلاكية كلما ارتفع الدخل، وعلى عكس ما نراه في الوطن العربي، فانه كلما ارتفع الدخل ارتفعت الميزانية الاستهلاكية».
وعلى صعيد المؤسسات، قال: «تشهد المؤسسات في المملكة ـ على المحيط الاقليمي ـ منافسة شديدة جدا بالنسبة لكيفية الانتاج والتصدير، وهو ما يخلق مشكلة لدا القائمين على السياسة الاقتصادية تتمحور حول توجيه الدعم لهذه الصناعات من عدمه مع وجود إمكانيات مالية ضخمة».
وأوضح: «وهذا يجعل الكثير من السلع تباع بأسعار أقل من السعر الثابت منها، فعلى السبيل المثال؛ أن قناني الماء تباع بأسعار زهيدة. وبالمقارنة مع الغرب نجد انها تباع على سبيل المثال بدينار». واضاف: «قد نجده سعرا مرتفعا ونعلل ذلك بارتفاع الأجور في أوروبا، لكن يجب الاشارة إلى أن الحد الأدنى من الأجور في باريس مثلا يبلغ 1500 يورو».
وأوضح الباش: «أن الغرب يوجه دعما محددا لفئات معينة، فمثلا؛ يحصل الطلاب الفقراء في فرنسا على سكن بأسعار رخيصة».
وقال: «المقدمة التي طرحتها تدعو لإجراء دراسات حول تكاليف الصناعات التحويلية أو الثابتة للمؤسسات».
وحول الدعم الزراعي الموجه للمزارع الأوروبي، قال: «فان هذا الدعم يساء استغلاله، فعلى سبيل المثال فان هناك عمليات تهريب للزبدة من فرنسا -التي توجه دعما للمزارعين- إلى سويسرا ثم يعاد تصديره لفرنسا».
واضاف الباش: «أن هناك دعما للقطاع الثقافي، فالأمريكان يقولون ليس هناك دعم للسينما، فيما تدفع فرنسا في جهة دعم الثقافة».
وأوضح الباش: «في النهاية أريد أن أؤكد أن وراء الدعم هدفا أسمى للدولة، على عدة صعد، وأهمها العدالة الاجتماعية، ونحن كاقتصادين نرى أننا كلما زيدنا الدعم فإن ذلك سيقلل ما نوفره للاستثمار مما سيرفع حجم المديونية».
ولفت الباش إلى أن الاكثار من استخدام السندات في معالجة المدينوية سيؤدي لمشاكل. وقال: «وأكبر مثال على ذلك؛ الأزمات التي تعاني منها الدول الأوروبية البرتغال وإيرالندا ومن قبلهما اليونان. واعتقد أن فرنسا –التي تعد من أكبر الدول الداعمة في قطاعات الصحة والتعليم وغيرها- بدأت تعاني كما بدأت في التفكير في سياسة الدعم».
وأوضح: «ونحن كاقتصاديين ننظر للبلد ككل متكامل اليوم وغدا. فلا بد على الاقتصادي ان يحسب حساب اليوم، وأن يطوره ليستمر معه في المستقبل».�
وقال: «يجب علينا توجيه الدعم ليطور المجتمع من خلال توجيه للبنى التحتية والذي يشكل رأسمال يولد ثروات. وبذلك نعول على التأكيد على الكفاءة الاقتصادية في سياسة الدعم».
العالي: تعديل سياسة الدعم في الخليج مرتبطة بمعدلات التضخم
وعلق الدكتور حسن العالي، قائلا: «إن برامج الاصلاح التي تدخل فيها بعض الدول مع البنك الدولي فان من متطلباتها رفع الدعم لتحرير الأسعار وتعزيز التكافؤ».
واوضح: «وبالنسبة لدول الخليج فقد قرأت أكثر من تقرير للبنك الدولي أو صندوق النقد فوجدت أن التقارير تحذر من عودة موجات التضخم. وعليه فان التقارير تنصح باتخاذ بعض السياسات الاقتصادية التي تحد من عودة معدلات التضخم، ومن ضمن الحلول فان هناك تلميحات لفرض الضرائب، وسياسة الدعم».
ولفت إلى أن دول الخليج غير مرتبطة ببرامج اصلاح اقتصادي مع البنك الدولي. وتعد تعديل سياسة الدعم فيها مرتبطة بالحفاظ على معدلات التضخم في مستويات طبيعية كما فهمت من بعض التقارير.
من جهته قال الدكتور أكبر جعفري: «نعم هناك ضغوطات تمارس على دول الخليج لانضمامها لكثير من المعاهدات والاتفاقيات، والتي تنص على تعديل بعض السياسات الاقتصادية». واستدرك: «ولكني لا أعتقد أنه السبب الرئيسي لتعديل سياسة الدعم. وأعتقد أن الاعلان عن إعادة هيكلة الدعم هي مبادرة جاءت متأخرة 20 عاما».
وأوضح: «كان من الأولى إعادة هيكلة الدعم في بداية التسعينيات من القرن المنصرم».
وأكد: «أعتقد أنه من الضرورة إعادة تصميم هيكلة الدعم بغض النظر عن أي ضغوط خارجية». وأوضح: «كما أن الدعم يجب أن يكون موجها لفئة معينة ولفترة محدودة، وإلا فإنه سيولد نتائج عكسية، وقد تكون خطرة».�
وأكد جعفري أننا لسنا بعيدين عن المنطقة الخطرة، مدللا بقوله: «إن هناك في البحرين من لا يستطيع العيش، وهناك من يستطيع العيش في أعلى مستويات الرفاهية». وأوضح: «هناك فروقات بين الناس، ولكن يجب أن يكون العيش الكريم هو أدنى الحدود للمواطن».
وعن التوقيت قال جعفري: «إن ردة الفعل الموجودة في الشارع ناتجة عن تخوف الناس من رفع الدعم، والواقع أن الحكومة تفكر في إعادة هيكة الدعم، فالتوقيت يعد جيدا أن لم يكن متأخرا».
وقال العالي: «إن التوقيت يعتمد على المبررات التي تطرحها الحكومة لاعادة هيكلة الدعم. فاذا كانت الحكومة تتذرع بانها ستعيد هيكلة الدعم بسبب العجز في الميزانية فهذا مردود عليه».
وأوضح: «لأن الناس سترد بأن أسعار النفط في ارتفاع، ومما يدعم هذا الرأي ما طرحه مسؤول حكومي، فان البحرين بحاجة لحساب سعر تعادلي يبلغ 80 دولارا، والكل يعرف أن أسعار النفط في هذه الأيام قريبة من ذلك».�
ودعا العالي الحكومة لطرح الأسباب الحقيقية التي دعتها لإعادة هيكلة الدعم في هذا الوقت، قائلا: «يجب كشف الأسباب الحقيقية التي دعت لإعادة هيكلة الدعم أمام الناس. فهل هو الحد من الهدر؟ كما طرحه الأخوان، أو الحد من نسب التلوث بتقليل استخدام المحروقات؟ أو سوء الاستخدام؟ أو غيرها من الأسباب التي يجب طرحها إلى جانب الأرقام، وحاول اقناع الناس على هذا الأساس».
وطالب العالي بإعادة تصميم هيكلة الدعم بغض النظر عن الآليات المستخدمة في ذلك.�
من جهته قال الدكتور عبدالله الصادق: «اتفق مع الدكتور حسن في أنه يجب على الحكومة أن تقدم رؤية واضحة بشأن سياسة الدعم، وما هي آلياته التي توصله لمستحقيه، وكيف ستتم عملية إعادة الهيكلة؟».
وأوضح: «ليس بين أيدينا تصور واضح لمسألة ما هو مطروح على الطاولة».
جعفري: يجب زيادة الدعم لمستحقيه
وعلق الدكتور أكبر جعفري: «نستطيع أن نتفق كاقتصاديين بأنه يجب سحب الدعم عن الفئة التي لا تحتاج إلى دعم وزيادته للفئات المستحقة. ولكن يجب أن نؤكد أننا لا نعرف ما هو توجه الحكومة في هذه المسألة».
وقال: «إن المطروح حاليا لا زال غامضا يسمح لأي شخص أن يفسر ويطرح رؤاه حسب رؤيته وتوجهاته».
وبالعودة لمسألة التوقيت خصوصا أنها جاءت في فترة لمحت فيها الحكومة أنها قد تفرض ضرائب في المستقبل، قال الدكتور هاشم الباش: «إن هناك عاملين رئيسين وهما: دور الأزمة المالية العالمية، قبلنا ذلك أم رفضناه. ففي اليونان والبرتغال وإيرلندا دعوات للتقشف مما أحدث الاضطرابات في اليونان. والتقشف لدى الأوروبيين يعني سحب الدعم وإعادة هيكلته».
وأوضح: «وأعتقد أن سبب الأزمة التي عصفت باليونان والبرتغال، وإيرلندا أنهم دخلوا للاتحاد الأوروبي متأخرين. فتدخلت الدولة في كثير من المجالات لتعزيز مستويات الانفاق من أجل الانتقال بمواطنيها لمستوى مقارب لأقرانهم في فرنسا وألمانيا». واضاف: «والآن بدأت هذه الدولة في فرض حالات التقشف».
وعن العامل الثاني قال الباش: «السياسة الاقتصادية التي تؤهلها للمستقبل في ظل أجواء تنافسية على المستويين العالمي والإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار في رؤية 2030». وأوضح: «ويوصلنا ذلك لنتيجة أن الدعم ليس عاملا ثابتا، وإنما هو عام متغير يمكن إعادته وتكوينه بما يخدم المجتمع والاقتصاد».
وقال: «ولا يرتبط توقيت إعادة هيكلة الدعم بتاريخ محدد، ولكنه يأتي ضمن خطة متكاملة تحلل فيها المعلومات على جميع الصعد الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها». وأوضح: «ويجب أن تتعامل مع هذه القضية الجهات المعنية بأسلوب إدارة الأزمات. فمن المهم جدا أن يعي المواطن أهمية إعادة الهيكلة حتى لا يكون طرفا سلبيا في المسألة».
ولفت الباش إلى أن للمواطن الدور الأساس في ترشيد الاستهلاك على جميع الصعد سواء على المستوى الغذائي أو الكهرباء والماء. داعين المواطنين بالأخذ بثقافة الترشيد وممارستها في حياتهم سواء في البيت أو خارجه.
وعقب الدكتور حسن العالي على طرح الدكتور هاشم، وقال: «اتفق مع الدكتور هاشم ان جانبا من المشكلة يتعلق بالثقافة الاستهلاكية في المجتمع، والتي أصبح من الصعوبة تغييرها».
وبالعودة للتوقيت، أوضح: «هناك آراء تقول إن هناك أساليب كثيرة يمكن أن تتخذها الحكومة قبل أن تصل لإعادة هيكلة الدعم. فيطرح البعض لماذا لا تقوم الحكومة بفرض الضرائب على الشركات، ولماذا لا تفرض الضرائب على الأغنياء؟ ولماذا لا ترشد النفقات؟!».
وقال: «ويتساءل أصحاب هذا الرأي عن السبب الذي جعل الحكومة تتوجه لإعادة الهيكلة لمعالجة العجز ولم تفكر باتخاذ الاجراءات المقترحة، والذي يمثل ذكره شيئا مرعبا بالنسبة للمواطنين خصوصا في ظل تدني الرواتب».
ودعا العالي مجددا أن تطرح الحكومة رؤية واضحة بهذا الخصوص. واوضح: «خصوصا ان برامج التقشف تأتي ضمن حزمة إجراءات في السياسة الاقتصادية، فلما يطرح بهذا الشكل وتحدد المواقع التي يوجه إليها الدعم فان المواطن سيقتنع».
وقال: «وإذا طرحت الحكومة مشروعا لإعادة هيكلة الدعم دون طرح رؤية واضحة مدعمة بالأرقام والمؤشرات، فإن ذلك سيفتح بابا للتساؤلات واللغط، وفتح الباب للمزايدات».
نشر بصحيفة الأيام
13 ديسمبر 2010

Leave a Reply

Your email is never published nor shared.

You may use these HTML tags and attributes:<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>


MusicPlaylist
Music Playlist at MixPod.com