TOP

رفع الدعم بين الضرورة والتبعات والبدائل والأبعاد الاقتصادية

اقتصاديون في ندوة «الأيام الاقتصادي» يبحثون (1-3):
رفع الدعم بين الضرورة والتبعات والبدائل والأبعاد الاقتصادية

أدار الندوة: خليل يوسف – أعدها للنشر: محمد المغني
شكلت مسألة رفع الدعم أو إعادة هيكلته لغطا كبيرا في المجتمع البحريني في الفترة الأخيرة، خصوصا في ضوء ما تداولته الصحف عبر لسان مصادر مطلعة في وسط تكتم حكومي كبير.
وحجزت قضية الدعم مساحة واسعة في وسائل الاعلام البحرينية والندوات، والمجالس، واللقاءات، وكثيرون ادلو بدلوهم من زوايا مختلفة ومن منظور متباين سياسي، واجتماعي، وبرلماني. ولكننا في «الأيام الاقتصادي» آثرنا ان نتناول البعد الاقتصادي لتغطية الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات وغير ذلك، عبر ندوة صحفية ضمت اقتصاديين هم: الدكتور عبدالله الصادق، والدكتور هاشم الباش، والدكتور أكبر جعفري، والدكتور حسن العالي.
واجمع المنتدون على أن الدعم موجود في كل دول العالم، لكنه يأخذ أشكالا متعددة. وقال الصادق: «يجب التعامل مع الدعم في الدول النامية بشكل اجتماعي، لكي لا يخلق أعباء كبيرة على المواطن في هذه الدول». ودعا الباش للموازنة بين الموارد المحدودة للدولة والمتطلبات غير المنتهية للمواطن. وأكد جعفري على أهمية إعادة هيكلة الدعم.
من جهته دعا الدكتور العالي الحكومة لطرح جميع الأرقام بشفافية أكبر من أجل اقناع الناس بجدوى هيكلة الدعم.
شمولية النظرة الاقتصادية
وعن مفهوم الدعم الاقتصادي والاجتماعي قال الدكتور عبد الله الصادق: «يعد موضوع الدعم موضوعا حساسا، واصبح الموضوع حديث المنتديات، وكل فئة تطرح وجهة نظرها في الموضوع من خلال تخصصها. فالسياسي يقدم وجهة نظر سياسية لأنه يمثل فئات المجتمع. كما ان هناك من يتناوله من وجهة نظر دينية. كما أن الحكومة تتناوله من زاوية الميزانية العامة للدولة لأن الدعم يدخل في الميزانية ضمن بند المصروفات، وبالتالي تعمل الحكومة على الموزانة بين جدولي الايرادات والمصروفات».
واضاف: «كما ان لرجال الاعمال رؤيتهم الخاصة فيما يتعلق بالموضوع، لأن الدعم يوجه لشركات تجارية محددة، فدعم اللحوم يوجه لشركة المواشي، ودعم اللحوم البيضاء يوجه لشركة الدواجن، ودعم البنزين يوجه نظريا لشركة «بابكو» وعمليا هناك تعاون بين الدولة والشركة في هذا الموضوع».
وعن وجهة نظر الاقتصاديين في الموضوع قال: «إن النظرة الاقتصادية لأي موضوع، ومنها مواضيع الدعم، انه يطرح الموضوع بصورة شمولية يراعي فيها جميع فئات المجتمع، لأن النظرية الاقتصادية تهدف لتكوين مجتمع مستقر. فنموذج المجتمع المثالي في الاقتصاد هو المتكون من الطبقة الغنية التي تشكل 20% منه، والطبقة المتوسطة التي تمثل 60% من تكوينه، و20% من تكوين هذا المجتمع الباقية من نصيب الفقراء. وهذه النظرية تحرص على الدفاع عن الطبقات ككل، فالطبقة الوسطى هي الطبقة العاملة والمنتجة، والطبقة الغنية هي صاحبة الثروة وهي التي تستطيع الاستثمار».
ولفت الصادق إلى أن هناك جانب آخر في الاقتصاد قائلا: «أود الاشارة إلى معيارين أساسيين للعاملين في المجال الاقتصادي الأول: الكفاءة الاقتصادية، والثاني: العدالة الاجتماعية. يتم النظر إليهما عند مناقشة أي موضوع؛ سياسيا كان أم اقتصاديا أو حتى اجتماعيا».
وأوضح: «أن موضوع الكفاءة الاقتصادية تعني الاستغلال الأمثل للموارد، فبدون كفاءة وانتاجية لن يحدث نمو اقتصادي. كما الاقتصادي مهتم أيضا بالعدالة الاجتماعية التي تتيح توزيع ثمار النمو الاقتصادي بشكل عادل بين جميع فئات المجتمع».
وطرح الصادق مثالا، فقال: «حققت الدول الأوروبية تقدما كبيرا في جانب النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، فلديهم شبكة جيدة من الأمان الاجتماعي. وعلى العكس في الدول النامية التي لم تقطع شوطا كبيرا في النمو الاقتصادي، الذي انعكس سلبا على شبكة الأمان الاجتماعي وهي الأقل تعقيدا، والأقل عدالة. لأن هذه البلدان تهدف لدفع عجلة النمو الاقتصادي. ويترتب على ذلك حساسية شديدة لأي مساس بقضايا تهم الفئات في هذه المجتمعات».
وأوضح: «وخصوصا ان الطبقة الوسطى ليست هي الطبقة السائدة في مجتمعات الدول النامية التي تتكون كذلك من ثلاث شرائح: وهي العليا، والوسطى، والدنيا. ويصنف الكثير في الطبقة الوسطى بأنهم من ذوي الدخل المحدود. فأي مساس بالدعم يترك أثرا كبيرا عليها».
وقال: «ان المجتمعات المتقدمة تتعامل بشكل مختلف مع الدعم، ففي كل عام تعلن الحكومات الغربية عن سياستها في الدعم، فمثلا ستقلل الدعم لسلع معينة وسترفعه عن سلع أخرى لتحقيق التوزيع الأمثل للموارد. فالدعم سياسة اقتصادية تتغير بمقتضى الحاجة».
وأوضح: «ففي أوروبا يوجه الدعم للسلع التي تعتبر صديقة للبيئة فتدعو الناس لاستهلاكها بشكل أكبر، وترفع الدعم عن السلع المضرة بالبيئة». ولفت إلى أن هناك أزمة بين دول الخليج والدول الأوروبية على جانب الصناعات الكيماوية وما تحدثه من أثر على البيئة.
وقال الصادق: «يجب التعامل مع الدعم في الدول النامية بشكل اجتماعي أكثر منه اقتصادي، وبالتالي فيجب أن لا يخلق الدعم أعباء كبيرة على المواطن في هذه الدول».
وقال: «أخيرا أود أن أطرح ابسط تعاريف الدعم، وهو بيع السلعة بأقل من سعرها في السوق الذي يفرضه توازن العرض مع الطلب».
الباش: بلبلة «الدعم» بسبب عدم الاعتياد على المفاجآت
وقال الدكتور هاشم الباش في تعريفه للدعم: «اتفق مع الدكتور عبدالله في ان الاقتصاد علم اجتماعي يراعي الجوانب الاجتماعية «الانسانية» رغم وجود الجانب المتعلق بالمعادلات الحسابية والنظريات الاقتصادية. فالعامل الانساني يعتبر الجانب المعياري الذي يدخل في الكثير من التوجهات الفكرية، والدينية، والسياسية، في بناء السياسة الاقتصادية».
وأوضح: «وتعتبر السياسة الاقتصادية هي الخطة التي تسير عليها الدولة، وتضم جانبين مهمين، الأول: ما الذي يجب عمله. والثاني: ما الذي يجب اجتنابه. ففي الدول الديمقراطية تجد أن هناك صراعا كبيرا بين الكتل السياسية وغير السياسية كالتكتلات التي تطرح أفكارها في قضايا الدعم».
واضاف: «وتجد من ضمن برامج المرشحين في الولايات المتحدة الامريكية، وأوروبا حضورا لموضوع الدعم الذي يكون دوما بين شد وجذب».
وقال: «وبالعودة لما حدث في البحرين مؤخرا من بلبلة بسبب ما تناقلته وسائل الاعلام عن عزم الحكومة ازاحة الدعم عن المشتقات البترولية، فان سبب البلبلة يعود لعدم تعود الناس على هذا النوع من المفاجآت السياسية. على عكس ما يحدث في الغرب الذي يعدل في سياسة الدعم بشكل مستمر لعدة أسباب، ومنها؛ أن السلعة المدعومة أصبحت من الممكن طرحها في السوق بشكل مستقل دون أي دعم، أو أن الدولة تعطي أموال لشركات معينة».
وقال الباش: إن الأصل التاريخي للدعم في دول العالم الثالث بعد استقلالها للتدخل الكبير للدولة. وعزز ذلك بعض النظريات الاقتصادية ومنها؛ نظرية كنز التي كان لها الأثر الكبير في تفعيل مسألة الدعم. وأوضح: «خصوصا ان المجتمع بسيط البنية الاقتصادية في الدول النامية تختلف عنها في الدول المتقدمة، فكانت الدولة تتدخل في كل شيء من توزيع الخبز إلى اللحوم وغيرها. فأي حديث عن ازاحة الدعم يشكل مشكلة أساسية».
وقال: «على الرغم مما أثير بشأن موضوع الدعم، لم نجد أي رأي للتجار في ما يتعلق بموضوع الدعم. وسمعنا رأي النواب في الموضوع من خلال الكتل النيابية، والجمعيات السياسية، والمواطن البحريني الذي يتخوف من أن ترتفع تكاليف الحياة عليه».
وقال الباش: «كما أننا نجد أن الدولة تتعامل مع هذه المسألة من جانب الميزانية، فقد وضحت للمواطن ان حجم الدعم الموجه للمشتقات النفطية الذي يبلغ 500 مليون دولار وأنه في تزايد».
ولفت قائلا: «وما طرحته الدولة بهذا الصدد يمثل وجهة نظر صحيحة. في مقابل وجهة نظر أخرى تقول: إن أسعار النفط مرتفعة. ولكن أحب أن أؤكد أن أسعار النفط غير معروفة بشكل حقيقي. فعلى سبيل المثال نجد ان سعر النفط في أوروبا مرتفع جدا لأن أكثره ضرائب. فلو كان سعر برميل النفط في السوق العالمي 80 دولارا فان تكلفته على المواطن الفرنسي تبلغ 200 دولار».
وأوضح:» ويعتبر الغربيون هذه التكاليف جزءا من حياتهم، لأنهم يرون أن الضرائب المفروضة عليهم توجه للجوانب الاجتماعية أو لتطوير سلع طاقة جديدة صديقة للبيئة للمستقبل».
لفت الباش الانتباه إلى أننا لا نعرف كيف تستعمل الطاقة في بلداننا، على عكس الدول الأوروبية، ففي فرنسا مثلا؛ فان 75% من الطاقة الكهربائية متأتية من الطاقة الذرية. فجزء كبير من النفط يوجه للصناعات الأولية. وقال: «إن التعامل مع النفط يكون على أساس أنه طاقة أو مادة أولوية لصناعة ما».
وقال: «إن المشكلة التي تعاني منها مملكة البحرين هي عجز في ميزانية عامين متتالين 2010 -2010 تبلغ 800 مليون دينار كلها سندات وتستخدم أموالها للبنية التحتية أو الاستثمار وهو مهم جدا». وأوضح «ان المصروفات في الدولة في أكثرها تتمثل في الأجور والخدمات، وجزء قليل منها مخصص للمشاريع».
موضحا: «أن هذه التشكيلة في الميزانية خطيرة جدا في المستقبل. وهنا نطرح التساؤل التالي: هل تستطيع الدولة الاستمرار في دفع الرواتب مع تواجد المطالبات اليومية على رفع العلاوات، والرواتب، ومميزات للمتقاعدين. متناسين أن هناك متطلبات في ما يتعلق بالمشاريع السكنية، وغيرها من المشاريع. فكيف نعوض عن المشاريع السكنية بمتطلبات رفع الرواتب والامتيازات؟!».
وقال: «ان الموارد دائما محدودة وحاجات الناس دائما مستمرة ومتطورة. واتفق مع الدكتور عبدالله الصادق ان العدالة الاجتماعية مهمة، لكني أرى أن الكفاءة الاقتصادية مهمة أيضا».
وعلق قائلا: «إن الأسرة البحرينية لا تحسب المبالغ التي تصرفها في الشهر، فمع التقدم في نمط الحياة ودخول الهاتف النقال نجد ان البيت الواحد يحوي عددا من أجهزة الهاتف المحمول، ويشكل هذا النمط من الاستهلاك أرباحا لشركات الاتصال بحسب ما يعلن في الصحف، وفي المقابل قد نجد شركات منتجة في قطاعات مختلفة تخسر».
وقال الباش: «إن الدعم يعني تشجيعا على الاستهلاك، ومثاله حجم الصرف الكبير على الطعام في شهر رمضان الذي يلقى أغلبه في القمامة، فإزاحة الدعم عن سلعة هنا يمكن أن يرشد استعمالها اقتصاديا». واضاف: «ان هذه الحالة تنطبق على الممارسات في المراكز الصحية التي يلقي البعض بالدواء الذي يحصل عليه بشكل مجاني في القمامة».
وعلق الدكتور أكبر جعفري قائلا: «إن هذا تشجيع على الاهدار وليس الاستهلاك». واوضح: «وهي المشكلة التي نعاني منها في البحرين، فما يحدث هناك نوع من الاهدار لدى فئة معينة من الناس تؤدي لحرمان لفئة أضعف».
وأكد: «يجب معالجة الخلل عبر إعادة الهيكلة».
وكان للدكتور عبدالله الصادق وجهة نظرة مغايرة، فقال: «ليس بالضرورة أن يكون الدعم مشجعا للإهدار، فالدعم يشجع على الاستهلاك وهو مطلوب، فرفاهية المجتمع مرتبط بزيادة استهلاكه. فحين تستهلك الفئة الفقيرة في المواد الغذائية فهذا مؤشر على ارتفاع رفاهيتها».
وأوضح: «ولا يعني هذا تشجيع الاستهلاك الخاطئ. ففي ألمانيا تدعم الحكومة شراء السيارات الجديدة من أجل تنشيط الاستهلاك الذي يرفع الطلب، الأمر الذي يحرك الاقتصاد».
وقال: «وما يحصل في البحرين مماثل لما يحدث في الغرب، فهدف الدعم تشجيع الحكومة للمواطنين على الاستهلاك للمحافظة على مستوى معيشي مناسب. واعتقد أن كثيرين في الوطن العربي يغبطون البحرينيين على مستوى الدعم الذي يحصلون عليه».
ولفت الباش في حديثه عن وجوب استحداث آلية جديدة للدعم، فقال: «يجب البحث عن آلية بديلة للدعم المباشر، فهناك رأي يقول بطرح بطاقة وهي آلية قديمة جدا. وهناك نوع آخر من الدعم تقدمه الدولة في قطاع التعليم، فجامعة البحرين تدعم التعليم بشكل كبير. ولكن مع الأسف ليس هناك قياس لتكلفة الطلبة بشكل سنوي».
وقال: «إن السياسيين وغيرهم حين يتحدثون في مسألة الدعم فانهم ينطلقون من الصفة المعيارية للاقتصاد وهو الجانب الانساني أو القيمة التي يحملها. ولكن إذا أتينا للاقتصادي، فانه يهتم جدا بالكفاءة الاقتصادية التي توازن بين الاحتياجات والموارد وتحدد الأولويات لمراكمة رأسمال جديد وأعيد الانتاج في المجتمع».
وعلق: «أن كثيرا من المجتمعات التي ساهمت بشكل كبير في العمل الاجتماعي سقطت. وسقطت في الكثير من الدول العربية التي بدلت من هذه السياسة وهي متورطة حاليا. ولعل أبرز مثال؛ الاتحاد السوفيتي لأنه وجه دعما كبيرا سبب ارهاقا كبيرا للاقتصاد».
جعفري: يجب إعادة هيكلة الدعم
من جهته أعطى الدكتور أكبر جعفري لمحة تاريخية عن الدعم في البحرين، فقال: «بدأ الدعم في البحرين مبكرا، بنوعيه المحدود وغير المحدود بشكل بسيط. وبدأ الدعم الملحوظ في السبيعينات مع الطفرة الاقتصادية».
وأوضح: «وجاء الدعم لأن الاسعار بدأت في الارتفاع بشكل كبير. ووصلت الحالة إلى أن المواطنين لن يستطيعوا العيش في هذه الحالة. وهنا تدخلت الحكومة –وهذا دورها- فدعمت اللحوم وبعض المواد الأساسية. وجاء دعم الوقود كتحصيل حاصل إذ ان سعره كان مناسبا للحكومة فظل كما هو».
وقال: «وشهد النصف الثاني من الثمانينيات استقرار الوضع. وكان يجب على الحكومة أن تعيد هيكلة الدعم في تلك الفترة. وتعاظمت الحاجة في بداية التسعينيات لإعادة هيكلة الدعم، لكن الذي حدث هو ان استمرت الحكومة في الدعم رغم انتفاء الحاجة له».
وأوضح: «وسبب استمرار الدعم بشكله القديم في حدوث خلل اجتماعي واقتصادي، فالمقتدرون ازدادوا اقتدرا والفئة الضعيفة ازدادت ضعفا، فالمقتدرون هم الأكثر قدرة لامتصاص الدعم، وهذا ما نشهده حاليا».
وقال: «ليس هناك أي مؤشر يوحي بان الحكومة سترفع الدعم، والمتداول ان الحكومة تعمل على إعادة هيكلة الدعم وهي حاجة ملحة وعملية لتقوية الشريحة الأقل حظا، فكثير من أفراد المجتمع مقتدرون، مقابل فئة لا تستطيع العيش بدون الدعم».
وأوضح جعفري: «من الخطأ جدا أن يستمر الدعم بشكل شمولي، وهو خلل واضح ويجب ايقافه، وينبغي توجيه الدعم لفئات محددة، وأغراض محددة، ولفترة محددة أيضا. ونطالب الحكومة بتصحيح الدعم عبر إعادة هيكلته وليس إلغاؤه». واضاف: «فالدعم –كما تفضل الدكتور هاشم- قد يخلق مشاكل اجتماعية وسياسية، ومن الملاحظ أن أغلب المشاكل تبدأ اقتصادية. فاذا لم يستطع الفرد أن يعيش حياة كريمة فانه سيتوجه للتفكير في السياسة، ومع احساسه بالظلم أو الخلل في العدالة الاجتماعية فسيتحول الفرد لكائن سياسي وستبدأ المشاكل. ولدينا هذه المشكلة في البحرين».
العالي: ندعو الدولة للشفافية في طرح الأرقام
وعن الدعم كمفهوم اقتصادي واجتماعي قال الدكتور حسن العالي: «إن الدعم موجود في جميع دول العالم، ويأتي على أشكال مختلفة ومفاهيم مختلفة، لكن الدعم كدعم ينظر له نظرة حيوية حتى من وجهة النظر الاقتصادية».
وأوضح: «ومن الملاحظ أن الخلاف الرئيسي المعطل لمفاوضات جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية «WTO» هو موضوع الدعم الزراعي الذي تقدمه الدول الصناعية لمزارعيها عبر أشكال متعددة».
وقال: «قد نجادل كثيرا في شكل الدعم واغراضه وأساليبه، ولكنه في النهاية يبقى نفس المفهوم. وفي الفترة الحالية نجد ان الدول الفقيرة تلوم الدول الغنية على الدعم التي تقدمه لرفاهية المزارعين الأوروبيين ويضمن عيشهم على مستوى اقتصادي معين، بغض النظر عن شكله».
وقال العالي: «أعتقد أنه يجب النظر للدعم بنظرة شمولية وأن نربطه بمفهوم التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما يأخذني للحديث حول محور آخر وهو تخوف الناس من إزالة الدعم بسبب أن مستوى الدخل في البحرين لم يرتفع خلال العقود الأخيرة. فلا يمكن أن يصدق أن يكون مستوى الرواتب في البحرين بعد ثلاثة أو أربعة عقود من التنمية تراوح مكانها وتبلغ بين 200 و 250 دينارا».
وشدد العالي على أنه لا بد من وجود نظرة شمولية توازن بين القوة الشرائية ومستوى الدخل الموجود وبين الدعم الموجود، وأوضح: «فلو أحس الناس بتطور في قوتهم الشرائية لكانت الحساسية تجاه موضوع الدعم أقل، لكن الناس لا يرون أفقا في تحسن القوة الشرائية، فمن الطبيعي تمسك الناس بالمكاسب الموجودة حاليا ورفض التخلي عنها بسهولة».
وأوضح: «أن الحكومة مسؤولة عن جانب كبير من اللغط والجدل الحاصل في الساحة بسبب غياب الشفافية في المؤشرات والأرقام». واضاف: «نتمنى على الحكومة ونطالبها في إطار مجادلتها في الأرقام وخصوصا بالنسبة للتصريح الأخير الذي كشفت فيه عن دعمها للوقود بـ 500 مليون».
وأوضح «فيما يخص دعاوى رفع الدعم عن المحروقات، بأن برميل النفط يباع في السوق المحلي بسعر 28 دولارا للبرميل بينما وصل سعره عالميا نحو 83 دولارا للبرميل، وبالتالي هناك خسائر بنحو 500 مليون دينار « يقدر استهلاك السوق المحلي بنحو 9 ملايين برميل وهي تباع في السوق المحلي بنحو 250 مليون دولار، بينما سعرها في السوق العالمي 750 مليون دولار» تتكبدها ميزانية الدولة، نقول حول هذه الدعاوى، إنها خاضعة للجدل ولوجهة نظر احتساب كلفة برميل النفط، حيث أن تكلفة انتاج برميل النفط من حقول البحرين تقارب الخمسة دولارات فقط، أي أن تكلفة انتاج 9 ملايين برميل تباع في السوق المحلي بنحو 45 مليون دولار فقط، وبالتالي هناك أرباح تحققها الخزانة بنحو 200 مليون دولار وليس العكس. واذا افترضنا أن الدولة تحتسب مستويات دعمها وفقا لأسعار النفط في السوق، فهل ستقوم بتخفيض اسعار النفط في السوق المحلي في حال انخفضت الاسعار ما دون 28 دولارا مستقبلا».
ودعا العالي الحكومة لطرح جميع الأرقام قائلا: «فلتطرح الحكومة مدى استهلاك المواطن العادي للمشتقات النفطية، وكم حجم الاستهلاك الحكومي منها؟ وكم هو استهلاك الشركات؟ لتكون هناك مقاربات مقنعة للجميع سواء اقتصاديين أو مشرعين أو مواطنين».
وقال: «أنْ نقع في نفس المشكلة مع غياب الشفافية عند طرح أي قضية من هذا النوع، فتطرح القضايا بدون الكشف عن أي أرقام أو مؤشرات، فأدعو الحكومة لتجاوز هذا النهج في المعالجات».
وأوضح العالي: «أن محاولة اقناع الناس بنهج اقتصادي معين يلزم أن يكون مدعما وواضحا، وممنهجا بحيث لا تطرح الأرقام من طرف واحد، فلا بد من وضوح في طرح الأرقام».

Leave a Reply

Your email is never published nor shared.

You may use these HTML tags and attributes:<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>


MusicPlaylist
Music Playlist at MixPod.com